top of page

التدريب الوظيفي‎ ‎‏(‏Functional Training) – حقائق وخرافات

تاريخ التحديث: 29 أكتوبر 2022


تعرف علي ماهية التدريب الوظيفي ولماذا انتشر بشكل واسع في الفترة الأخيرة؟


التدريب وإعادة التأهيل الوظيفي يقدم طريقة رائجة لوصف أساليب التدريب علي جميع المستويات. "كلمة الوظيفية" هي ببساطة أكثر شمولية من الأنواع الآخري من التدريب الحالي.


غالبًا ما يتم تقديم التدريب الوظيفي كخيار أكثر اكتمالًا على عكس أساليب التدريب الأخرى التي تعزل وتركز علي جزء من الجسم أو أساليب التدريب النوعي عالي الخصوصية للرياضات.

يحاول العديد وضع تعريف لهذا المفهوم إلا أن البناء المنهجي لأسلوب يتبع صحة الحركة الوظيفية يتطلب أكثر من الاتفاق علي مصطلح. وهناك عدد من العلماء البارزين في التدريب والتأهيل الرياضي والعلاج الطبيعي ينظرون للتدريب الوظيفي من منظور أخر.


المنظور الأخر يري أن شعبية التدريب الوظيفي قد تعني أن الأساليب التقليدية لإعادة التأهيل والتدريب تعتبر قاصرة في أمرين بارزين:

الأمر الأول – الأسلوب التقليدي لإعادة التأهيل جزئي وغير مكتمل من حيث الحل أو إدارة الخلل في أنماط الحركة.

الأمر الثاني – التدريب التقليدي له بعض الأثار الجانبية التي قد تسبب أو تسمح باختلال وظيفي داخل أنماط الحركة الأساسية.


إن إعادة تأهيل قوة الركبة والاحتفاظ بخلل في الطرف المصاب هو مؤشر على عدم استعادة أنماط الحركة الوظيفية. فضعف القوة قد تتم معالجته بشكل كاف ومع ذلك لا يتم استعادة كفاءة المشي. وبالمثل، قد يضر النشاط الرياضي التخصصي بأنماط الحركة الوظيفية العامة على الرغم من أن الأساس الوظيفي العام هو نقطة الانطلاق للتفوق في أي تخصص رياضي. قد تجد استثناءات لهذا التصريح، ولكن القدرة على التكيف الوظيفي هي التربة الأكثر خصوبة للأداء الرياضي التخصصي. والبقاء على مقربة من الأساس الوظيفي قد يوفر أيضا فائدة كبيرة في التحمل البدني، ولكن علينا أن نكون أكثر ذكاءً قليلاً لإثبات ذلك.


ماهي أنماط الحركة الوظيفية الأساسية وماذا تعني؟

أنماط الحركة الوظيفية الأساسية هي الأنماط الضرورية لحركة جسم الإنسان التي تسمح بالتنسيق وتوافق الجسم في الأنماط البسيطة من الحركة مثل الحركة الجانبية، ونقل وزن الجسم، والحركة الأمامية، والحركة لأعلى ولأسفل، والتنسيق بين حركات أجزاء الجسم العلوية والسفلية. وهناك العديد من المحاولات لتصنيف هذه الأنماط الحركية إلا أن كل محاولات التصنيف حتي الأن تختلف عن بعضها من حيث نوع الحركة وعددها، لكن اكثر هذه التصنيفات انتشارا وشيوعا هي التصنيف التالي:


– حركة المشي

– حركة ثني الجذع

– حركه اللف للجسم

– حركة المد (ذراعين- رجلين- جذع….)

– حركة القرفصاء

– حركة الطعن

– حركة الجري

– حركة الركل

– حركة الرمي

– حركة الدفع

– حركة الشد

– التحرك علي جانبي الجسم

– الحركة حول الأشخاص أو الأشياء



النهج الوظيفي في التدريب لا يقوم بعزل جزء من الجسم للتقييم المتعمق، والعلاج، والتدريب. بالإضافة الي انه لا يخاطب النشاط والتخصصية الرياضية أو أساليب أداء النخبة. النهج الوظيفي هو ببساطة نقطة الدخول الأكثر كفاءة وفعالية. لذلك يمكن أن يسمي الاستعداد البدني العام أو حالة القدرة على التكيف غير المعقد.


ويعتقد أن الحركات الوظيفية الأساسية توفر قاعدة عامة لمزيد من الأحمال البدنية ومهام حركية أكثر تعقيدا. فإذا كانت الحركات الوظيفية الأساسية مختلة بحمل وزن الجسم فقط، فأن فرض الأحمال والمهام الحركية المعقدة في الحقيقة غير قابل للتنفيذ بكفاءة وفعالية. تحديد الخلل يبرر أكثر التدخل الذي يتضمن فحص البنية التشريحية، والحركات الأساسية، والتحكم الحركي، وأنماط الحركة الأساسية ذات الأهمية.


ولتبسيط الأمر اكثر، إذا كانت أنماط الحركة الوظيفية مقبولة، فيجب علينا فرض المزيد والكثير من الحركات المعقدة إلى القدرة البدنية الأساسية ومحاولة تحسين الأداء الفردي في مثل هذه البيئة الخاصة. أما إذا كانت أنماط الحركة الوظيفية غير مقبولة، يجب علينا معرفة السبب واتخاذ الإجراءات اللازمة قبل أن نقلق كثيرا بشأن القدرة البدنية.


هندسة النهج الوظيفي تتطلب مزيج من العلوم والمعرفة والفن. النهج الوظيفي الحقيقي يتطلب مزيج من أفضل المعلومات والحقائق المثبتة إلى جانب التدريب والعلاج بحكمة. فالمهندس لن يسرع إقامة أساس البناء ليبني مبني أفضل، لكنة سوف يركز على الأعمدة الداعمة حتي يستطيع بناء ما يرغب.

كيف يمكن أن يكون لدينا نهج وظيفي للحركة إذا لم نحدد بوضوح خلل الحركة؟ التدريب الوظيفي ليس التدريب الرياضي التخصصي (النوعي) الذي يتم خلاله تقليدأنماط الحركة التي تحاكي المناورات والمهارات الحركية الرياضية.


كما أنه ليس التدريب على الأسطح غير المستقرة “لمحاكاة” عدم القدرة على التنبؤ في العالم الحقيقي. فما هو التدريب الوظيفي؟ إنه تدريب لغرض أو هدف. من خلال وجود هدف واضح يتأصل محوره علي الرياضي أو المريض. لماذا؟ لأنه مصمم لمساعدة الناس على تحقيق أهدافهم بأمان وكفاءة.


إذا فكرنا أو حاولنا تحديد الوظيفة، فالجواب يصبح ” إنها تعتمد علي”. ما هو وظيفي يعتمد على عمر الفرد، والرياضة، وتاريخ الإصابة، ومرحلة إعادة التأهيل، والأهداف، وما إلى ذلك, ولكن افتراض أن كل شخص يحتاج إلى نفس الاختبارات أو التدريبات مثل أن يتخيل عالمًا يتشابه فيه جميع الأشخاص في احتياجاتهم الجسدية. في الواقع، كل منا فريد من نوعه فما هو وظيفي يعتمد حقا علي العديد من المتغيرات.


يكون شخص كبير السن ومعرضًا لخطر السقوط؛ وبالتالي، سيكون لتقييم التوازن والتدريب علية أولوية وظيفية. ويتعرض النساء بعد انقطاع الطمث لخطر مرض هشاشة العظام. لذلك، تكون وضعية العمود الفقري هي المفتاح للتدريب والعلاج الوظيفي. ويتعرض الفتيات الصغيرات والممارسات للرياضة في الألعاب الرياضية مثل كرة القدم أو كرة السلة أو الكرة الطائرة لخطر شديد بسبب إصابات الرباط الصليبي الأمامي خلال البدايات والتوقف المفاجئ وتغيير الاتجاه لذلك يجب فحص العوامل التي تساعد في الإصابة ومعالجتها. آلام أسفل الظهر واسعة الانتشار وغالبا ما تنتج من عادات الانحناء والرفع غير المناسبة، أو عدم كفاية القدرة الحركية في النصف السفلي من الجسم، أو ضعف التحكم الحركي في الجذع (المركز)؛ وبالتالي، يكون تقييم وعلاج أسباب هذا العجز الوظيفي أمر بالغ الأهمية. الفردية هنا هي القاعدة وليست الاستثناء.


الواضح أن المتطلبات الوظيفية للمجتمع غير متجانسة. التدريب الوظيفي للاعب كرة السلة قد يتطلب وفرة من التوازن علي مستوي الحركة الأمامي وتدريبات القدرة، ولرافعي الأثقال قد يركز علي التحكم والسيطرة في المستوي السهمي، بينما سيكون التركيز للاعبي الرياضات القتالية المختلطة علي بناء معدل تنمية القوة وهوة الأمر ذو الأهمية أيضا في الرياضات الأخرى مثل البيسبول وكرة القدم والجري، رفع الأثقال، إلخ. في المقابل، مع رياضيي التحمل مثل عداء الماراثون، منافسات الرجل الحديدي، أو تراياثلون سيكون التركيز علي سمات مثل الاقتصاد في الجري.


يهدف التدريب الوظيفي إلى إقامة جسر لعبور الفجوة بين التأهيل والإعداد البدني والتدريب التخصصي. فلقد تعلم اختصاصيو التأهيل كيفية مساعدة المرضى علي استئناف النشاط والرياضيين للعودة إلى الرياضة بنجاح. وتعلم المدربون كيفية تعزيز اللياقة البدنية في عامة الناس بينما زملاءهم مدربي القوة والتكييف قادرون على إعداد الرياضيين لمطالب رياضتهم البدنية الصارمة.


إذا نجح المدربون في بناء القدرات (القوة والتحمل، والقدرة) على أساس أنماط حركية عالية الجودة، سوف يتمكن المدربين الفنيين (مدربي المهارات) من التركيز علي تعديل المتغيرات الميكانيكية الحيوية لمهارات الجري والركل والقذف، والضرب، وما إلى ذلك للاستفادة القصوى منها في مجال تخصصهم، والأكثر أهمية أن المدرب الرئيسي (المدير الفني) يصبح في موقع أكثر تركيزا علي إدارة جوانب الأداء العام – بدلا من التفاصيل الصغرى من الأداء للرياضي والفريق. عندما يكون تركيز المدرب على تحفيز وإلهام كل فرد من الفريق لتعظيم إمكاناتهم، فان التنمية والتطوير الأكثر كفاءة للرياضي يمكن أن يحدث.


التدريب له العديد من المفاهيم المختلفة اعتمادا على وجهة نظر المرء. المفهوم التقليدي بالنسبة، للأفراد الأصحاء أو الرياضيين يركز على القوة والمرونة وتدريب القلب والأوعية الدموية. وعادة ما يكون هذا التدريب تحت إشراف مدرب اللياقة البدنية الشخصي أو مدرب القوة والتكييف (S&C).



اما التدريب الوظيفي يعزز نهجا مختلفا في مفهومة فالهدف من التدريب هو تعزيز التنمية الرياضية، من منظور التنمية الرياضية المستدامة، لا يقتصر التدريب فقط على القوة والمرونة أو قدرة القلب والأوعية الدموية ولكنه يركز أيضًا على المبادئ الأساسية للرشاقة وخفة الحركة والتوازن والتوافق كأساس لتعزيز المعرفة والثراء الحركي.


ومن المفارقات، انه كلما أصبح تعزيز المعرفة الحركية والثراء الحركي هدف التنمية الرياضية، كلما اصبح التدريب أكثر وظيفية ويبدأ بالتداخل مع إعادة التأهيل العلاجي. يصبح أكثر وظيفية لأنه يركز على قوالب أنماط الحركة (مثل، الدفع، السحب، القرفصاء، الطعن) التي يستخدمها الرياضي في جميع الألعاب الرياضية بدلاً من حركات معزولة لمفاصل محددة (مثل العضلة ذات الرأسين العضدية / ثني الذراع. عضلة الفخذ الخلفية / ثني الركبة). قد يفضل لاعب كمال الأجسام عزل العضلات لإحداث تضخم، ولكن العزل ليس هو الهدف الأساسي للرياضي. وهناك مبدأ هام من مبادئ علم التدريب يسلط الضوء على القيود المفروضة على عزل العضلات أو المفصل يسمي بمبدأ التكيف التخصصي مع المطالب المفروضة SAID) Specific Adaptation to Imposed Demands).


يوضح هذا المبدأ أن مكاسب التدريب تكون خاصة بالحركة المدربة. لذلك، فان الحركة المعزولة التي يتم تدريبها بشكل متكرر لا تنقل بالضرورة أي فائدة للمهام الوظيفية، في حين ما إذا تم تدريب مهارات الحركة الأساسية أو المعرفة الحركية يحدث نقل عالي للفائدة إلى الأداء الرياضي المحسن بالإضافة أيضا الي الوقاية من الإصابات.


ويركز إعادة التأهيل العلاجي التقليدي لاضطرابات الجهاز الحركي أيضًا على وصف تدريبات متكررة ومعزولة. على سبيل المثال، إعادة تأهيل الكتف تنطوي علي تمارين لعضلات حزام الكتف المدورة للعضد مع مقاومة الدوران الداخلي والخارجي للكتف في مختلف زوايا ارتفاع الذراع. لقد تطور هذا النهج خلال العقدين الماضيين لتشمل زيادة التركيز على التحكم الحركي والقدرات الوظيفية. على سبيل المثال، إعادة تأهيل رامي البيسبول المصاب بإصابة مزمنة في عضلات حزام الكتف المدورة أو قصور الأداء قد يستخلص علاجها من قائمة تتضمن استقرار وثبات المنطقة الكتفية الصدرية، وتدريبات السلاسل المغلقة، واستقرار وثبات الجذع (المركز)، وتدريب سلسلة الساق الخلفية. وهناك توجهات متوازية في مجالي التأهيل والتدريب نحو مزيد من التركيز على التحكم الحركي مع التقليل المتزامن من التركيز على عزل العضلات الفردية والمفاصل.


احدي العمليات الهامه التي يرتكز عليها توجه تدريب أنماط الحركة الوظيفية بدلا من الاعتماد علي عزل العضلات والمفاصل تسمي الليونة في القشرة المخية (cortical plasticity). الحركات التي تتكرر يتم تعلمها من قبل الجهاز العصبي المركزي باعتبارها ذاكرة حركية جديدة. العادات والوضعيات السيئة والتكيف مع الألم أو الإصابة ينتج عنها خطر علي الكفاءة الحركية. لكن مع التدريب المناسب، يتم تحديث “الذاكرة الحركية” للجسم لمعالجة هذه “الاختلالات”. والهدف هو “ختم” أو عزل مسارات الوصلات العصبية للحصول على أنماط حركية وظيفية عالية الجودة.


تحدث الليونة القشرية عن طريق “التكيف العصبي” على المستوى داخل الخلايا التي تؤدي لتغييرات هيكلية داخل الأنسجة العصبية.


فإذا قمنا بتدريب حركات معزولة فقط فهذا يعني كما يشير مبدأ التكيف التخصصي مع المطالب المفروضة (SAID) أنه لن يكون هناك تحسن في مهاراتنا الوظيفية. إن الإرث المتوارث من رياضة كمال الأجسام من خلال التركيز على حركات معزولة قد يغير من أجهزة الجسم لدينا “Hardware” نتيجة تضخم العضلات الفردية، لكنها لن تعزز جودة أو كفاءة الحركة – “software” – وربما تفسده عن طريق التسبب في خلق واستمرار الاختلال في توازن العضلات أو أنماط الحركة الخاطئة.


لذلك، توصل علم التدريب وإعادة التأهيل الحديث على حد سواء إلى نفس النتيجة. إذا كنا نريد تحقيق برامج حركية أكثر دقة للمهام الوظيفية التي تتعلق بالرياضي في “منافسات القمة”، ينبغي علينا التركيز على تدريب أنماط الحركة الوظيفية المتكاملة بدلا من مجرد تدريب معزولة للعضلات الفردية والمفاصل.


إذا كان الهدف هو تحديد أنماط الحركة الخاطئة ومعالجتها، فهل هذا يعني أننا نتجاهل العضلات والمفاصل الفردية؟



في كثير من الأحيان سيكون هناك خلل معين في مفصل ما (مثل، انسداد المفصل الأخرمي الترقوي (AC) الذي يقيد حركة تقريب الذراع)، أو العضلات (مثل ضيق مدي العضلة الكمثرية الذي يقيد مفصل الفخذ) ، أو الأغشية (مثل ، ضيق جدار الصدر الأمامي الذي يحد من حركة رفع الذراع أعلي الرأس) والتي ما إذا تم تصحيحها سوف تسهل من عملية تحسين الأداء.


الذي تغير في المفهوم الحديث هي الطريقة التي نتصور بها ما نقوم به. كما قال اختصاصي الأعصاب الشهير من براغ الدكتور كارل لويت، “يجب أن تخدم أساليبنا أهدافنا”. والهدف من ذلك هو تحسين نمط الحركة الوظيفية على مستوي القشرة المخية. إن إطالة عضلة ضيقة، أو علاج قصور حركة مفصل، أو إطلاق أغشية مقيدة، هي وسائل ممكنة لتحقيق غاية، فقد نقوم بتدريب عضلة فردية لحل احد هذه المشكلات. لكن يجب أن يتم تضمين التدريب في نمط الحركة. العلاج الجزئي وحده، دون تقدير الصورة الأكبر، سيؤدي إلى ضياع المريض أو الرياضي.


عندما يرتبط التقييم الوظيفي لأنماط الحركة بأهداف التنمية الرياضية، أو تحسين الأداء، أو الوقاية من الإصابة، يمكننا حينئذٍ اختيار أساليبنا بحكمة في خدمة أهداف الرياضي. هناك العديد من المعتقدات المقدسة في كل من مجالات التأهيل والتدريب والإعداد البدني. هذه المعتقدات أو الممارسات يعتبرها البعض معفية من النقد أو الاستجواب، على الرغم من احتوائها على عقائد وتوجهات غير دقيقة، وسنحاول في المقالات القادمة كشف بعض هذه الخرافات، مع اقتراح تفسيرات بديلة تستند إلى العلم.


نُشر بواسطة د/ أحمد طلحة حسام الدين

استاذ علوم الحركة الرياضية


Comentarios


bottom of page